تختلف عادات الإحتفال بالمولد من منطقة لأخرى، حيث تشهد شوارع وادي سوف حركة كبيرة فرحا بمولد المصطفى (عليه الصلاة والسلام) متجهين صوب المساجد حيث تكثر خلال المناسبة حفلات الختان الجماعي، وما يميزها في هذه المنطقة أن العائلة تقوم بالإعلان عن الختان من خلال ما يعرف بالراية، وهي عبارة عن قصبة من الخيزران تعلق عليها خيوط من الصوف بمختلف الألوان، حيث تصبغ الخيوط بالحنة ثم ترفع فوق مسكن الطفل، كما تتفنن ربات البيوت في تحضير طبق الكسكسي بلحم الجمال التي ينحرها الرجال، إضافة للرقاق المزين بالحلوى والبيض المسلوق، حيث تجتمع العائلة ويتم دعوة الجيران لإقامة وليمة، كما تلبس النساء والأطفال ملابس جديدة وتتبرك الشابات غير المتزوجات بوضع الحنة بزخارف مختلفة، في حين تردد النساء المدائح النبوية لتنتهي السهرة بإحتساء الشاي بالمكسرات.
في حين يقتصر الإحتفال بالمولد في تندوف، على قراءة القرأن والأناشيد المعبّرة عن سيرة النبي (عليه الصلاة والسلام) بالتوجه للزوايا كما يخرج الأطفال إلى الشوارع بلباسهم الأبيض وهم يرددون عبارة "أعطيني عرفة" أي صدقة وغالبا ما تمتلئ جيوب الكبار بالحلوى إستعدادا لطلبات الأطفال، بينما تتفنن نساء تندوف في صناعة الخبز التقليدي والحلويات لتصدقها على الأطفال الذين يطرقون منازلهن، كما تحرص على تقديم جفنة من الكسكس بلحم الجمل للمساجد ليتناولها الفقراء في تلك الليلة، كما يقوم الأطفال بعد حصولهم على النقود بشراء لعبة "النفيخات" بألوانها المختلفة.
تذويق الفتاة المخطوبة من عشاء المولد
لا يختلف الإحتفال بالمولد النبوي في ولاية الوادي ، عن باقي الولايات كثيرا حيث تكون الأطباق التقليدية والحلويات حاضرة بقوة في هذا اليوم، حيث تقوم ربات البيوت بتحضير الشخشوخة والكسكسي بـ"الملاوي"، حيث تعرف في بعض المناطق بالفطير أو يستبدل الطبق بالتليتلي بالدجاج، لكن لا زال الكثير من سكان وادي سوف يتمسكون بعادة إرسال العشاء إلى الجيران ليتذوقوا منه، كما للفتاة المخطوبة نصيب من تناول العشاء من يد أهل خطيبها، كما تقدم لها "المهيبة" في حين تكون مائدة السهرة متنوعة بحلويات الشامية والهريسة المصنوعة في المنازل، إضافة لإشعال الشموع ووضع الحنّة للأطفال.
وإن كانت بعض العادات لازالت راسخة بمنازل الأسر المحافظة، فإن الكثير منها في طريقها للزوال بعدما طغت عادة تفجير المفرقعات على عقول الشباب، وباتوا متمسكين بها بالرغم من مخاطرها التي تخلّف العديد من الضحايا الذين يلازمون فراشهم بالمستشفى، أو يصابون بعاهات بفعل غياب ثقافة إستخدامها، حيث يفقد الكثير من الأشخاص بصرهم أو يصابون بالحروق بفعل عادات تبذر بها الأموال وتلحق الضرر بالأجساد، فبالرغم من تحريم الإسلام لإستخدام تلك المفرقعات وكل ما يلحق الضرر بالإنسان، إلا أنها تعرف رواجا كبيرا في الأسواق، كما يزيد الطلب عليها حيث إحتلت الجزائر المرتبة الأولى، من حيث إستعمال المفرقعات في شمال إفريقيا، ليصح المثل القائل "المال الذي يذهب مع الدخان".